مخطط دولي لدمج النازحين السوريين في المجتمع اللبناني لأهداف سياسية واقتصادية
لبنان أبلغ جهات أممية عجزه عن وقف الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا
عادت أزمة النزوح السوري الى الواجهة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان الى حدود الانفجار الاجتماعي والأمني الكبير، ترجمت بانطلاق حملة “قوارب الموت” التي تحمل المهاجرين غير الشرعيين، في ظل استمرار الموقف الدولي – الأميركي – الأوروبي – الخليجي على حاله برفض عودة النازحين السوريين الى بلدهم والسعي لإبقائهم في لبنان ودمجهم في المجتمع اللبناني.
التمادي في الموقف الدولي، دفع بالدولة اللبنانية وبدفع خاص من رئيس الجمهورية ميشال عون، الى تعزيز عديد الوفد اللبناني الذي شارك في مؤتمر بروكسل للنازحين السوريين الذي عقد منذ أيام في بلجيكا، والذي ضمّ وزيري الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب والشؤون الاجتماعية هيكتور حجار اللذين عادا خاليي الوفاض، بعدما لمسا عن قرب من خلال نقاشات المؤتمر ما كان يتردد على مسامعهما في بيروت، من رفض أميركي – أوروبي مطلق لأي خطة لاعادة النازحين الى بلدهم، والضغط على لبنان والدول المضيفة لفرض دمجهم في لبنان أو ما بات يُعرف بالتوطين المُقنع بحسب ما تشير مصادر وزارية لـ”أحوال”.
وحضر ملف النزوح بقوة على طاولة مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة، حيث وضع الوزيرين بوحبيب وحجار مجلس الوزراء بأجواء مؤتمر النازحين وشرحا بإسهاب موقف المجتمع الدولي وتحديداً الأميركي – الأوروبي، بأن لا توجه لاعادة النزوح بل المطلب الدولي الذي يضاف الى سلة الشروط الدولية على لبنان، هو إبقاء النازحين في لبنان ودمجهم في المجتمع تدريجياً من خلال سلسلة قرارات وإجراءات إدارية وقانونية تتخذها الدولة اللبنانية لتشريع وجودهم وعملهم بوضع مشابه الى حد كبير للمواطن اللبناني، كما تشير المصادر الوزارية.
وكشف بوحبيب لمجلس الوزراء أنه طلب من الموجودين في المؤتمر عدم إعطاء المال للبنان لإغاثة النازحين، بل المساعدة لإعادتهم إلى أرضهم. كما أوضح بوحبيب أن معظم النازحين ليس لديهم مشاكل سياسية أو أمنية مع دولتهم وبالتالي يمكنهم العودة في أي وقت، لا سيما وأن أغلب المناطق السورية باتت آمنة.
على خط موازٍ، كشف وزير الشؤون الاجتماعية للمجلس أن الجو العام في مؤتمر بروكسل ليس بعيد عن مسألة إعادة النازحين بقدر ما تمحور الحديث حول الدمج في المجتمعات الموجودين فيها ومنحهم إقامات شرعية وتوفير عمل لهم. وقال الحجار بوضوح في المؤتمر إن لبنان أدى دوره الإنساني تجاه السوريين ولم يعد باستطاعته تحمل المزيد، وطالب بوضع خطة ميدانية عبر برمجة عودة النازحين.
كلام بوحبيب وحجار دفع برئيس الجمهورية إلى التدخل مؤكداً رفض لبنان المطلق “دمج” النازحين السوريين في المجتمعات التي نزحوا اليها، ومؤكداً ضرورة عودتهم الى المناطق الآمنة في بلادهم، لأنه لم يعد من مبرر لبقائهم في لبنان.
فيما كشف بعض الوزراء أن الهدف الخارجي الاميركي – الاوروبي هو إبقاء النازحين في لبنان للاستثمار السياسي ولإبعاد نار الضغط الاقتصادي والخطر الامني عن دول أوروبا، وسأل الوزيران بوحبيب وحجار عن موقف الدولة التركية في المؤتمر، وطالبا بأن يتبع لبنان سياسة تركيا في هذا الملف للضغط على الاتحاد الأوروبي لصون سيادة لبنان وحماية أمنه القومي واقتصاده، كما حذروا من أن بقاء لبنان من دون أوراق ضغط على الدول الكبرى سيبقي النازحين في لبنان لعشرات السنوات، وما يترتب عن ذلك من تفاقم للازمات الاقتصادية والمالية والامنية الى حد الانفجار المقبل.
ودعا الوزراء خلال الجلسة إلى التنبه من موضوع الدمج وتقرر عقد اجتماع لجنة النازحين في الأيام المقبلة للتأكيد على خطة العودة التي وضعها لبنان.
وكشفت مصادر مطلعة بأن لبنان أبلغ جهات أممية معنية بأزمة النزوح، بأن السلطات اللبنانية لم تعد قادرة على وقف موجة الهجرة غير الشرعية في “قوارب الموت” الى أوروبا وأن “قارب طرابلس” الذي غرق في البحر لن يكون الأخير، بل واحدا من قوارب عدة ستبحر الى الشواطئ الاوروبية بسبب أزمة الفقر والجوع الذي يشهدها لبنان.
مداخلات الوزيرين ورئيس الجمهورية دفع برئيس الحكومة نجيب ميقاتي للإقرار أمام الحضور للمرة الأولى بسوء تعامل الاتحاد الاوروبي والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين مع الملف لا سيما لجهة عدم حماستهم لإعادة النازحين الى بلادهم.
ولفت ميقاتي إلى أنه سبق وأن اتخذت اللجنة الوزارية قرارات مطلوب تنفيذها من الاجهزة المختصة.
أوساط سياسية مطلعة تشير لموقعنا إلى أن “الاتحاد الاوروبي يضغط على لبنان منذ أزمة النزوح لإبقاء النازحين في لبنان، رغم أن دول أوروبا التي تدعي الحرص على لبنان، على علمٍ بواقع لبنان السياسي والاقتصادي والامني والديموغرافي، إلا إذا كانت مصلحة هذه الدول ابقاء النازحين في لبنان لعدم تدفقهم الى أوروبا إذا ما تم الضغط عليهم لاعادتهم الى سوريا.
وتكشف المصادر عن مصلحة أميركية – خليجية بعدم حل أزمة النزوح، لتحقيق أهداف مزدوجة، وإبقاء النازحين ورقة ضغط سياسية على النظام في سوريا الى حين التسوية السياسية النهائية، وسلاح ديموغرافي – أمني مسلط على رقبة حزب الله في لبنان، وأداة ضغط اقتصادي لابتزاز لبنان لفرض الشروط الدولية عليه بمسألة سلاح حزب الله والتطبيع مع “إسرائيل” والتنازل في ملف ترسيم الحدود البحرية والثروة النفطية وتطبيق بنود صندوق النقد الدولي.
وتساءلت: “لماذا لا تقوم الامم المتحدة بدفع المساعدات المخصصة للنازحين السوريين في سوريا وليس في لبنان، لتشجيعهم على العودة”؟، مؤكدة أن أغلب النازحين يرفضون العودة بهدف استمرار حصولهم على المساعدات المالية الدولية بـ”الدولار” وليس بسبب خوفهم من ردات فعل الدولة السورية، والدليل أنهم يدخلون ويخرجون عبر الحدود اللبنانية – السورية متى يشاؤون، وكثيرون منهم من يعمل في سوريا ويعود لقبض المساعدة المالية في لبنان.
محمد حمية